سيبونى اتوه

كائنا ما كان ألا أوجد كان هو الأفضل

الأربعاء، يوليو ٢٦، ٢٠٠٦

نافذة الروح

صورة المرأة بين الإعلان والأغنية المصورة
(نموذج حالة المخرج شريف صبري)

مقدمة:

ربما كان الإعلان على شاشة التلفزيون من أهم أدوات التأثير على المستهلكين، أكثر فاعلية من طرق إعلانية أخرى. ذلك لما يوفره الإعلان البصري من ربط مباشر بين المنتج ومستهلكيه، خاصةً إذا ما تضمنت دراما الإعلان القصيرة تماساً مع مشاهد حياتية مفترضة لمستهلكين. يعمد الإعلان بذل إلى تقديم واقع افتراضي موحي وحبب للحياة كما يراها المنتج والمخرج. ومن ثم فالإعلان بعد ذلك حامل لقيم ونسق أخلاق افتراضي، يتوازى ويتشابك مع واقع الأخلاق الحقيقي. إلا أن الإعلان دائماً ما يلعب دور رأس الحربة في تكريس ذلك النسق القيمي الخاص بالاستهلاك المادي، وبما يقدمه من دراما حياتية، يمارس تكريساً مضاعفاً لنمط القيم الأخلاقية، وإن كان يصبح بذلك سباقاً إلى وضع ذلك النمط في صورة بصرية موجزة وموحية ومكرسة في أبشع تجلياتها.

من ناحية أخرى يبدو أن نمط الأغنية المصورة يتجه ليصبح هو التطور النهائي للأغنية الموسيقية. حيث مع الربط بين الموسيقى والصورة كمنتج تسويقي، تنحو الموسيقى إلى أن تصبح خلفية في مقدمة كادر بصري بالأساس. وبما للأغنية المصورة (الكليب) من قدرات تسويقية جبارة للمنتج الموسيقي (الألبوم)، فإن الربط بين الإعلان والكليب أصبح منطقياً، فكلاهما يستهدف مستهلك افتراضي عبر الصورة لتقييم منتج (مشروب – أغنية)، خاصةً إذا ما وضعنا في الاعتبار أن نمط الإنتاج الفني في كلاهما متوازي، حيث أيام التصوير المحدودة والميزانيات الضخمة، والتركيز على جماليات خاصة بالصورة (بما لا يقارن مع فنون بصرية أخرى). كل ذلك جعل من إخراج الكليب تطور طبيعي لمسار المخرج من الإعلانات، وإن كان هذا لا يمثل القاعدة الأساسية، فهناك مخرجي كليب قدموا من عالم السينما أو تخصصوا منذ البداية في عالم الفيديو كليب وانتقلوا منه إلى السينما والإعلان.

شريف صبري مخرج إعلانات، بدأ في مصر بداية قصيرة منذ نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات، بعدها سافر وأكمل مسيرته عبر إحدى وكالات الإعلان البريطانية، خلال أواسط التسعينات حتى نهايتها. وقدم إلى مصر مرة أخرى ليقدم حملات إعلانية ضخمة بعد أن توفر له إعداد وخبرة ضخمة في السوق الأوروبي، ليحدث – كما اعتقد – نقلة تقنية في فن الإعلان، ثم من بعدها وعلى نفس خطواته في مجال الفيديو كليب.
وتعد ملامح تلك النقلة التقنية متبلورة في الكادراج المكثف للإعلان ونمط الإضاءة وتصحيح الألوان واستخدام عدسات خاصة ومؤثرات بصرية كانت في تلك الفترة مدهشة ومؤثرة في مجال الإعلان. أما فيما يخص المضمون الإعلاني عبر اللغة المستخدمة، فقد قدم ديالوجات مكثفة تلعب على مستويات من الوعي غير مباشرة، عبر الإشارة البصرية والكلام المجزأ المتناغم مع صورة موحية. وكان لاستخدامه الخاص لموديلز (فتيات عارضات) من زوايا تصويرية خاصة، الأثر في تدعيم منظومة الأخلاق، التي ترى في صورة المرأة جسداً محمل بكل الإيحاءات الجنسية والبورنوغرافية.

المؤكد أن تعامل الفنون البصرية مع ذلك النموذج السلبي للمرأة، قديم قدم الإعلان المرئي. إلا أن شريف صبري في صوره عن المرأة لعب على المخزون المتحيز ضد المرأة عبر إيحاءات وزوايا تصويرية وألوان بصرية جديدة. ولنتذكر سوياً أول إعلاناته "أكيد بيشرب بيريل"، حيث يعتمد من البداية على ابتكار أشكال أكثر إثارة حسية لعلاقة الرجل بالمرأة، عبر أكبر إيحاء ممكن وبأقل إشارات لغوية، وبترجمة بصرية تدعم ذلك الإيحاء إلى أقصى درجة (زاوية متلصصة)، علاقات تكوينية داخل الكادر، تصحيح للألوان إلكترونياً لدعم الاغتراب المشهدي وتقديمه في صورة أقرب للحلم.

هذه الورقة وعبر مجموعة لقاءات مع متخصصين في مجال الإعلان والفيديو كليب وفنون الصورة، أحاول البحث عن خصائص تحولية أصابت مجال الإعلان والفيديو كليب، عبر تكنيك المخرج شريف صبري. وكيف أثر ذلك فيمن حوله في سوق الإعلان والفيديو كليب، وتقديم تحليل لصورة المرأة في منتج شريف صبري، عبر مجموعة لقاءات مع:
1. شريف صبري.
2. مونتيرين.
3. مخرجين فنيين Art Directors.
4. ستايلستس stylists.
5. مصوريين فوتوغرافيين وفيديو آرت.
6. مدافعين عن حقوق المرأة.
7. مخرجين إعلانات وفيديو كليب.
8. جمهور من الشباب.

وذلك باستخدام نموذج لأعمال شريف صبري كمادة للنقاش مع هؤلاء وعرض نتائج الورقة من خلال محاضرة مدتها 20 دقيقة، مصحوبة بعروض فيديو من نماذج أعماله.

هاني درويش